قبل ثماني سنوات، ظللت أبحث عن فكرة مشروع على الإنترنت يُشترط أن تكون مبتكرة وناجحة، وكنت أردد هذه الجملة بأساليب كثيرة “أريد فكرة واحدة فقط كي أنجح”، وربما ظننت بأني امتلك كل المهارات والخبرات المطلوبة، ولكن لم أوفق حينها في إيجاد هذه الفكرة.
قبل ثلاث سنوات فقط، أصبح عقلي يفكّر بشكل مختلف، وأدركت أن المهارات والخبرات التي كانت لديّ وظننت أنني بها يمكنني أن أحكم العالم، اكتشفت أنها صفرًا ناحية الشمال، وأدركت أنني كنت أحد الأسباب التي منعتني من إيجاد هذه الفكرة.
1 – اكتشاف الأفكار الإبداعية مهارة يُمكن تعلمها
الطريقة التي كنت استخدمها خلال السنوات الثلاثة كانت تدفعني نحو الطريق الصحيح؛ فقد كُنت أقرأ كثيرًا لأتعلم؛ لدرجة أن قدرتي على اكتشاف الأفكار المربحة وربما المبتكرة تضاعفت فأصبحت أرى في كل شيء فكرة صالحة للربح.
إذن المعلومة الأولى التي يجب أن تتأكد من أنك تعرفها، أن إيجاد الأفكار ليست حكرًا على أحد، وإنما هي مهارة من المهارات التي يمكنك تعلمها ومن ثم إتقانها، وموضوعاتها تندرج تحت بند التفكير الإبداعي. وإن كنت أنصحك بالبدء بكتاب فسيكون كتاب تعلم ابتكار الأفكار الرائعة للكاتب Alan Barker.
2 – أطلق العنان لعقلك ليتجاوز حدود المعقول ويفكر في حلول للموقف الحالي
في فترة الظهيرة كان شباك تذاكر مترو الأنفاق مزدحمًا، وكنت أقف في نهاية الصف منتظرًا دوري كي أصل وأقطع تذكرة. كنت مستعجلًا فقد كان لديّ موعد هام، فأطلقت العنان لتفكيري في هذه المشكلة البسيطة وهي انتظاري لحوالي 7 دقائق. (موقف حقيقي)
فكّر لدقيقة قبل أن تكمل القراءة.
أحد الأشخاص سيفكر مباشرة في الذهاب إلى أول رجل في الصف وإعطائه ثمن التذكرة ليشتري واحدة إضافية معه، وستكون النتيجة فعليًا حل المشكلة. وآخر سيقول لك ما دام لديك موعد هام فحاول أن تذهب مبكرًا حتى تتجنب هذا الموقف، وتصل للاجتماع في الموعد.
حلول مثل هذه تركز على النتيجة فقط بمعنى أن الهدف من هذه الحلول أن تلحق بموعدك أو تتجنب الانتظار في هذا الموقف، ولكن لو أطلقنا العنان لعقولنا لتُفكّر في حلول بعيدة عن الحلول التقليدية في هذا الموقف، ستبتكر أفكارًا جديدة يمكن تطويرها.
فكرة إبداعية ابتدائية
التحدي نفسه خطر ببالي وأنا واقف في نهاية الصف، فتخيلت أنني واقفُّ ووجهي مسنودُّ على الحائط بعيدًا عن هذا الصف الطويل. وفي الوقت نفسه، ترددت المشكلة الحالية في عقلي بطريقة تهكمية: وكيف إذن ستحصل على التذكرة إذا كنت بعيدًا عن الصف. وهنا جاء الرد مباشرة: عبر إنشاء تطبيق على الهاتف الذكي.
وبدأت الأسئلة تتوالى من عقلي النظامي ويرد عليه عقلي الابتكاري طوال الوقت. حتى توصلت في النهاية إلى فكرة تطبيق يمكنني من خلاله حجز تذكرة مترو في أي وقت أريده من المحطة التي أريد الذهاب منها إلى المحطة التي أريد الذهاب لها.
ويحسب التطبيق تلقائيًا سعر التذكرة حسب عدد المحطات، ويخصم من بطاقة الفيزا أو عندما أكون موجودًا في محطة المترو عبر شباك مخصص، أو عبر خزنة آلية تعمل بالباركود أو برقم سري مؤقت؛ حيث أدخل الرقم السري أو أمسح الباركود باستخدام الهاتف، وأدخل سعر التذكرة في المكان المخصص، وأستلم التأكيد، وتكون هناك ماكينة تذاكر تعمل لهذا الغرض، وتفتح برقم سري موجود على التطبيق بغرض تخطي ماكينة التذاكر من المحطتين.
3 – فكر بشكل مغاير للمألوف
هذه الطريقة تعتمد على تدمير الطرق التقليدية القديمة، والتفكير بغرض اكتشاف حلول وطرق أفضل والتي ربما ينجم عنها أفكار مشاريع مبتكرة تستحق التنفيذ.
على سبيل المثال توجد الآن مواقع وتطبيقات على الإنترنت تساعدك على تشخيص الأمراض. في الغالب من ابتكر هذه الأفكار فكر بشكل مختلف؛ حيث أراد أن يصبح المريض طبيبًا فقدم له تطبيقًا يمكنه المضي معه قدمًا نحو تشخيص مرضه بنفسه.
بالطريقة نفسها ربما اُخترع جهاز مزيل الرجفان؛ حيث إن فكرت بشكل تقليدي ستجد أن المريض كان يُنقل إلى المشفى بسرعة أو تُجرى له الإسعافات الأولية حتى وصول المساعدة، ولكن التفكير بشكل مختلف جعل أحدهم يخترع جهازًا محمولًا لمعالجة حالة مرضية قد تؤدي للوفاة إن لم يتم إسعاف المريض بشكل فوري.
4 – أدمج فكرتين أو أكثر معًا
لست ممن يهوى دمج الأفكار معًا ولكن قد نضطر أحيانا لفعل ذلك حتى في حياتنا البسيطة قد تؤخر موعدًا لأنك ستكون موجودًا في المكان نفسه في يوم آخر فتقضي الموعدين معًا.
بالطريقة نفسها يمكنك دمج أكثر من فكرة بهدف جمع مميزات، وتلافي عيوب كل فكرة. ويُفضل أن يكن هناك عاملًا مشتركًا بين الأفكار المراد دمجها.
بالطريقة نفسها ربما اُكتشفت مواقع النشر الإلكتروني على الشبكات الاجتماعية مثل موقع buffer؛ فقد كان لدى المسوق الإلكتروني عدة شبكات اجتماعية يحتاج للدخول لجميعها لينشر هنا ثم هناك. فتم التوصل إلى عامل مشترك واحد، وهو النشر على الشبكات الاجتماعية المختلفة من مكان واحد توفيرًا للوقت والجهد.
5 – نافس نفسك ووسع الفكرة لتشمل أفكار ذات صلة
دعنا نتعلم قليلًا من فيسبوك وجوجل وغيرهما من الشركات العملاقة، والتي تضيف خدمات جديدة كل مرة. إن توقفت هذه الشركات عن التجديد والابتكار فهناك في المنافسة من ربما سيلحق بها؛ لذلك تعمل كل يوم على تطوير منتجهم الحالي وتوفير خدمات أكثر لمحاولة ربط الزوار بمواقعهم أكثر وأكثر.
أنت الآخر حاول استخدام الأسلوب نفسه في عملك على حسب قدرتك؛ فعلى سبيل المثال لو كان لديك تطبيق لعرض أسعار العملات لحظة بلحظة، فحاول إضافة أسعار الذهب أيضًا. المهم أن تكون قادرًا على هذا التوسع وأنك ستتمكن فعليًا من مجاراة الأمور وإلا سيكون التوسع هنا قتلًا لفكرتك بشكل بطيء.
6 – قسم الفكرة الكبيرة وركز على أحد الأجزاء
إن أعجبتك فكرة كبيرة موجودة فلا تحاول تقليدها مباشرة ولكن قسم الخدمات التي تقدمها ثم اختر قسمًا واحدًا وركز عليه. ثم ابتكر أفكارًا إبداعية لهذا القسم لتتغلب على الجميع وانطلق.
مثلا لا تقل سأنشئ محرك بحث مثل جوجل، ولكن لنقل إنك ستنشئ محرك بحث مخصص لرجال الأعمال، أو للكتب الإلكترونية، … الخ.
7 – حلول لمشكلة أو تطوير حلول
معظم الأفكار تأتي من محاولة إيجاد حلول لمشاكل، أو عبر تطوير حلول موجودة حاليًا؛ لذلك يجب أن تعتبر من الآن أن كل مشكلة قد تكون فرصة لتستخرج منها فكرة إبداعية.
كذلك لا ترضى بالحلول الموجودة حاليًا وفكر في حلول أفضل وطوّر أفكارك بشكل مستمر، وستجني ثمار هذا المجهود مُستقبلًا عند اكتشافك لطرق أخرى باستخدامها يمكن اكتشاف أفكار إبداعية.
والآن أضف لطرقنا طريقة أخرى تستخدمها لاكتشاف أفكار جديدة، أو اختر الطريقة التي أعجبتك من الطرق التي ذكرناها!
دائما نتعلم منك استاذ صلاح ♥
تسلم يا استاذ عبد الستار 🙂
مرحبا بعودتك. منتظرين مقالات أخرى يا عزيزي.
مرحبا بك أستاذنا الفاضل يونس.
سعيد جدًا أن أول تعليق كان لك. بإذن الله أعود مجددا للنشر. وجزاك الله خيرًا
أوافقك على كل ما ذكرت أستاذ صلاح
و أنظار العالم الآن تتجه نحو من يقدم الجديد و المثير ، و تأكد من أن المشكلة التي تراها الآن في حجز تذكرة للمترو مثلا ، قد تم حلها منذ سنوات بشتى الطرق في بلد مجاورة أخرى .
بالنسبة لي أجد أن الأقتباس هو خطوة في طريق الحل ، و هو الذي يسبق الإبتكار . فمن لم تسعفه أفكاره و أمكانياته و خبراته في إبتكار الجديد عليه أن يقلد كي يتعلم ثم سيتطور تفكيره تباعا مع مرور الوقت ، و سيكتشف في طريقه سبلا جديدة للإبداع و الإنفراد .
و مرحبا بعودتك .. و قد أسعدني أن أعاود القراءة على صفحات مدونتك التي تحمل أسمك الذي نحبه .. دمت بألف خير ،،
أستاذنا الفاضل أحمد، أحبك الله، ودائمًا تطور مقالنا بمعلومات إضافية رائعة فجزاك الله خيرًا. كلامك صحيح واتفق معك لأنه من المفترض أن يكون هناك فريق بحث يجوب العالم ليقتبس ما توصلت له البشرية من أفكار إبداعية لنطبق منها ما يتماشى مع ثقافتنا (أعني بخصوص مثال تذكرة المترو وأمثالها من المشاكل البسيطة) ولهذا اعتبر كما ذكرت أن التقليد قد يؤدي وبشروط إلى الابداع.
تحياتي لك
أحسنت